الأحد، يونيو 12، 2011

تاج محل


كان امبراطور الهند “شاه جاهان” الملقب بـ “شاهنشاه العادل” أو “الإمبراطور العادل” متزوجاً من “أرجونمد بانو باكام” سليلة الأشراف فهي حفيدة “ميرزا غياث بيك” رئيس وزراء الإمبراطور المغولي الرابع “جيهانجير”، وابنة “خواجة أبو الحسن” الذي كان يعرف في بلاط “جيهانجير” بلقب “يامن الدولة عاصف خان” رجل ذو طلعة مهيبة ويحظى باحترام كبير..
كانت “أرجونمد بانو باكام” شديدة الذكاء.. باهرة الجمال كما ترسمها لوحات عصرها. وكانت تأنس للموسيقي وتقرض الشعر بالفارسية..

تاج محل أحد أجمل المباني المشبعة بالطراز الإسلامي في الهندمن حيث الروعة والزخرفة والتصميم الهندسي والمصنف كإحدى عجائب الدنيا السبع .


مبنى عملاق ينتصب وسط مساحات شاسعة من الحدائقعلى ضفة نهر يامونا يشرف على مدينة ( أكرا ) الهندية مدينة أباطرة المغول والتيكانت عاصمتهم في ذلك الحين إلى أن قام الإمبراطور شاه جهان الذي حكم الهند قبلأكثر من 300 سنة بنقل العاصمة من ( أكرا ) إلى مدينة ( دلهي )

ومع أن أشهر ركن في هذا الصرح التاريخي هو ضريح الزوجة (ممتاز محلبقبته الرخامية البيضاء إلا أن هذا المجمع الضخم الذي يمتد على مساحة 42 فداناًيتضمن أيضاً مساجد ومآذن ومباني أخرى .
ولبناءهذه التحفة المعمارية الفاتنة حرص شاه جيهان على استخدام أعلى المهارات المتوفرة فيعصره لبناء هذا الصرح العظيم . وقد تم جلب المعماريون والحرفيون إلى أكرا من بغدادومن القصور العثمانية في تركيا وقدم مصممو الحدائق من كشمير والخطاطون من شيرازوالحجارون والنحاتون وحرفيو الجص ومصممو القباب والبناؤون من بخارى والقسطنطينيةوسمرقند

ويقال أنه تم إسناد مهمة التصميمالأساسية من قبل الإمبراطور شاه جيهان للمهندس التركي عيسى أفندي والمهندس محمدسيازي خان الإيراني فوضعا تصاميم البناء وأكثر المراجع تقول أن المهندس التركيعيسى أفندي كان المسؤول الأول عن تصميم المبنى أما محمد خان من شيراز وعبد الغفارمن مولتان فكانا خطاطي المشروع. فيما المسؤول عن النواحي الفنية والتصميم الداخليكان قادر زمان خان من الجزيرة العربية
وبالفعل بدأ العمل في البناء عام 1631موانتهى عام 1653م، وشارك في البناء حوالي 22 ألفاً من العمال والمهندسين، وبالداخلمسجد وقصر للضيافة استغرق بناؤهما خمس سنوات ، وطوال سنوات العمل البناء كانتالاستشارات والتعديلات شيئاً متواصلاً يجري يومياً.

البناء المكسو بالرخام الأبيض نصف الشفاف ، والمنقش والمرصع بآلافالقطع من الأحجار الكريمة0
بُني تاج محل من الرخام الأبيض النقي (marble) الذي تم استخراجه منمحجر جبل "ماكراتا" والذي يبعد 563 كم (في إقليم راجستان) تم استحضارالحجر الرمليالأحمر من دلهي ، كما أحضرت الحجارة الكريمة بالقوافل من كل أنحاء الأرض : اليشب منالبنجاب والعقيق الأحمر من بغداد والفيروز من التيبت والملكيت واليشم والكريستال منتركستان وغيرها من اللؤلؤ والماس والزمرد والصفير... أكثر من أربعين نوعاً منالأحجار الكريمة

تم تزويد المبنى بثلاث بوابات رئيسية، وبالدخول عبر بوابة التاجالهائلة المبنية من الحجر الرملي الأحمر، يظهرعلى يمين البوابة غرف العمالوالمهندسين الذين بنوا المكان، وفي أعلى البوابة الضخمة تطل اثنتان وعشرون (22) قبةصغيرة تشير لعدد السنوات التي استغرقها بناء تاج محل .

تم بناء منحدر بطول عشرة أميال عبر أكرا لتحقيق إمكانية سحب موادالبناء إلى قمة القبة في موقع البناء ، وكان المشروع من الضخامة بحيث أن مدينةممتاز أباد تنامت حول المشروع لإيواء العمال الذين اشتغلوا عشرين عاماً لبناءالصرح.
وللتمكن من رفع القبة شيدت سقالة هائلة حيث تطلب هذا الجزء من المبنى على وجه الخصوص الكثير من الجهد والمال. ويقال إن القبة وحدها كلفت أكثر من باقي المبنى كله. وتقول الأسطورة إن شاه جيهان حين اقتراب تاج محل من النهاية قيل له إن تفكيك السقالة سيستغرق خمس سنوات. فما كان منه إلا أن أعلن أن كل من يرفع قرميدة تصبح ملكاً له وإذ بالمهمة تنتهي بين ليلة وضحاها.

واجهة البوابة لتاج محل 



وهناك أربع منارات، ثلاث منها قريبة بنيت مائلة عكس الاتجاه لئلا تقععلى البناء في حالة حدوث زلزال، أما المنارة الرابعة فبنيت بزاوية قائمة بعيدةقليلاً ولا ترمز المنارات الأربع لشيء معين بل تعد ديكوراً جميلاًللبناء.

ونجد في الداخل بوابة جميلة مزخرفة غايةفي الإبداع الفني مزينة بسورة (يس) من القرآن الكريم بالخط الفارسي بحروف عربيةومزخرفة برسوم إسلامية بألوان جميلة محفورة على الرخام وجلبت الأحجار الملونةطبيعياً من أفغانستان ومصر وتركيا وإيران.

فيعام 1637م نقلوا رفات الإمبراطورة ممتاز محل من جنوب الهند ووضعت في مركز المبنىعلى حسب التصميم الهندسي، وعندما اكتمل بناؤه طلب الإمبراطور شاه جيهان منالمهندسين اللذين قاما بالبناء عدم بيع فنهما لأحد من بعــده ، ومنهم من قال أنه تمقطع أيدي العديد من أشهر الحرفيين الذين شاركوا في التصميم والبناء ترهيبا وخوفا منتقليده أو نقل أفكاره التصميمية الرائعة.

وبعد وفاة الإمبراطور دفن في نفس البناء إلى جانب زوجته ،وقد قالالبعض إن شاه جيهان لم يكن ينوي أن يجاور زوجته في القبر وإنما كانت نيته بناء تاجمحل آخر من الرخام الأسود ليكون ضريحاً له ، وقد حاولت الهند في الأوقات الأخيرةإرضاء هذا الامبراطور بعد مماته ، لبناء تاج محل بالرخام الأسود وقد نسمع أخبارهقريبا !
تحفة فنية مختارة من جدران البناءالمشبع بهذه اللوحات الرائعة
محراب داخلي بإكساء رخامي مرصع بالزخارف الهندسية والأحجارالكريمة



وهذه بعض الصور لهذا البناء الرائع 








































ليست هناك تعليقات: